تقارير و مقالات

الكواكب الجحيمية.. عوالم تحترق في أعماق الكون

ما هي الكواكب الجحيمية؟

نشاهد السماء ليلا متأملين سكونها العجيب وجمالها الذي يزين القبة السماوية، ونحن ننسى أن هذا الجمال يخفي عوالم أغرب من كل خيال، تلك العوالم تختلف عن كوكبنا اختلافا جذريا لا يكاد يعقل، تلك الكواكب الجحيمية تسودها الحرارة الفائقة، وتملأ الأجواء فيها مقذوفات البراكين وسوائلها الملتهبة.

اكتشف العلماء سابقا كواكب غازية لا تمتلك سطحا صلبا، وتحدثوا في أكثر من مناسبة عن احتمال وجود كواكب محيطية ليس فيها أرض يابسة، إلا أن السنوات الماضية حملت تأكيدات التلسكوبات الفضائية على ما جنح إليه خيال الإنسان سابقا، وأكدت أن البيئة القاسية التي نعرفها هي قدر يسير من قسوة بيئات في كواكب أخرى.

ما هي الكواكب الجحيمية؟

ساد اسم Hellish Planets بين علماء الفضاء على مدى السنوات الماضية لتوصيف كواكب خارج المجموعة الشمسية، تدور في مدارات ضيقة جدا حول نجومها المستعرة، الأمر الذي يجعلها تستحق تسمية الكواكب الجحيمية بالفعل.

هذه الكواكب التي تنتشر خارج المجموعة الشمسية تتعرض لحرارة فائقة تصل إلى 2500 درجة مئوية، وتلك الحرارة بإمكانها تبخير الحجارة.

التطور في استكشاف الفضاء باستخدام التلسكوبات ألقى الضوء على الطبيعة القاسية في تلك الكواكب التي تبعد مئات آلاف السنين الضوئية عن الأرض.

لماذا ترتفع درجات الحرارة إلى هذا الحد المذهل؟

أرضنا التي نحيا عليها مهيأة بحكمة وعلم إلهي لتكون مكانا مثاليا للحياة، فهي تبعد نحو 150 مليون كيلومتر عن الشمس، التي تمنح الكوكب أسباب الحياة أيضا، إلا أن الكواكب الجحيمية تصطلي بالحرارة الشديدة بسبب قربها من النجوم التي تدور حولها.

هذا القرب الشديد من النجوم المستضيفة يحرم الكواكب الجحيمية من تكوين الغلاف الجوي الذي يتبخر بفعل الحرارة العالية، وتعرضها لإشعاع يتفوق كما على الإشعاع الذي يتعرض له كوكبنا من الشمس مئات المرات.

القرب القاتل من النجوم يجعل أسطح تلك الكواكب معرضة باستمرار إلى الأمطار المعدنية المنصهرة، فيسقط مطر الحديد أو الصخور عندما تتكاثف في الغلاف الجوي.

أغرب الكواكب التي تم اكتشافها في الكون

عندما يكون الحديث عن أكثر الكواكب غرابة والتي تم اكتشافها حتى الآن يبرز اسم كوكب K2-141b الذي تحمل الرياح على سطحه بخار الصخور من الوجه البارد إلى الوجه الساخن، حيث تسقط الأمطار الصخرية!.

هذا الكوكب من عائلة الكواكب الجحيمية والذي يصل حجمه إلى ضعف حجم كوكبنا يبلغ طول السنة فيه 7 ساعات فقط، ويتكون النصف المقابل للنجم من هذا الكوكب من محيط كبير من صهارة الصخور، بينما يسود الظلام النصف الآخر من الكوكب، ولذا فهو متجمد ولا يصله الضوء مطلقا.

كوكب الماس الجحيمي

على بعد 40 سنة ضوئية من الأرض يتواجد كوكب Cancri 55 ، وهو ضمن أشد العوالم المعروفة قسوة في الكون.

وبالرغم من أن سطح هذا الكوكب يتطون من الكربون المتبلور (الماس) يترك انطباعا بالجمال والراحة، إلا أن درجة الحرارة التي تبلغ 2400 درجة مئوية يمكنها إذابة أي مادة يعرفها البشر خلال ثوان قليلة.

الكواكب الجحيمية
صورة تخيلية لأمطار الحديد على سطح كوكب جحيمي

كوكب المطر الحديدي

السماء تمطر حديدا منصهرا في كوكب WASP-76b ، ذلك يجعل المتخيل للمشهد يمتلئ رعبا!.

هذا الكوكب الغازي العملاق يبعد عن أرضنا مسافة 640 سنة ضوئية تقريبا، وتقدر درجة الحرارة عليه ب 2500 درجة مئوية، وهو من الكواكب الحميمية الأغرب.

مثلما تهطل الأمطار في أرضنا بتكاثف ذرات الماء تتكاثف ذرات الحديد في هذا الكوكب وتهطل أمطارا حديدية سائلة.

كوكب الجحيم الصخري

كان هذا الكوكب المسمى COROT-7b أول كوكب صخري يصنف ضمن الكواكب الجحيمية، ورغم ذلك فإن سطحه الصلب يغطيه في الواقع محيط مكون من صهار الصخور التي لا تتوقف عن الغليان.

يدور هذا الكوكب حول النجم المستضيف بسرعة كبيرة بحيث يكون اليوم الواحد عليه مساويا ل 20 ساعة أرضية، ولغرابته يعتقد العلماء أنه كان كوكبا غازيا إلا أن الحرارة الفائقة بخرت الطبقات الغازية وتبقى السطح الصلب.

سمات الكواكب الجحيمية

تتميز الرياح على الكواكب الجحيمية بسرعات لا يعرف البشر لها مثيل تتجاوز آلاف الكيلومترات في الساعة، بسبب الفرق الحراري الكبير، كما تتميز هذه الكواكب بغلاف جوي لا يحتوي الأوكسجين والنيتروجين كما نعرف، بل يحتوي على أبخرة المعادن المنصهرة.

ومن أبرز السمات في الكواكب الجحيمية عدم الدوران حول المحور، حيث لا يتعاقب فيها الليل والنهار، فيكون نصف الكوكب في نهار أبدي ونصفه الآخر في ليل سرمدي.

وتجمع هذه الكواكب سمة النشاط البركاني الهائل، والقرب الشديد من النجوم المتوهجة التي تصلي هذه الكواكب بالحرارة الخيالية.

الكواكب الجحيمية
صورة تخيلية لنجم مشرق على سطح كوكب جحيمي

لماذا يدرس العلماء الكواكب الجحيمية؟

ليس الأمر من باب الترف العلمي كما يبدو للبعض، فالعلماء يبذلون الأعمار والإمكانات لدراسة الكواكب الجحيمية بغرض التوصل إلى مراحل تكوين الكواكب في الكون ومآل كوكب الأرض في المستقبل.

ربما ستكون الأرض نفسها في يوم من الأيام كوكبا جحيميا عندما تتضخم الشمس بعد زمن لا يمكن التكهن به.

يعتقد العلماء أن دراسة الكواكب الجحيمية يساعد البشرية في تحديث وبناء التقانات المعتمدة على تحليل الأطياف، وتسهم هذه التقنية في تحديد مكونات الغلاف الجوي للكواكب البعيدة، مما يعزز احتمالية اكتشاف كواكب قابلة للحياة في يوم ما.

خيال السينمائيين يتحول إلى حقيقة

يعشق الناس مشاهدة الأفلام السينمائية التي تعرض خيالا علميا يصور كواكب بعيدة، لقد أصبح الكثير مما كنا نراه على الشاشة الكبيرة حقائق علمية مثبتة.

كثيرا ما قرأنا في الكتب وشاهدنا في الأفلام كواكب تمطر سماؤها شهبا وحديدا، لقد كانت مجرد قصص نقبل عليها ونحن نعلم أنها خيالية، إلا أنها حقيقة اليوم بفضل علوم الفضاء.

المذهل في علم الفضاء أنه يؤكد للإنسان أنه صغير جدا ولا يكاد يساوي شيئا أمام الكون العظيم وحجم ما لا نعرفه من عوالم وطبائع وصور!.

أسبالتا

شبكة أسبالتا الإخبارية (Aspalta News)، منصتكم الأولى لمتابعة آخر أخبار السودان اليوم على مدار الساعة. نقدم تغطية شاملة وموثوقة للأحداث السياسية، الاقتصادية، الرياضية، والثقافية، بالإضافة إلى تقارير حصرية وتحليلات معمّقة تساعدكم على فهم المشهد السوداني والعالمي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى